صحيفة البيان الاماراتيه الجمعة 4 شعبان 1431 – 16 يوليو 2010
الملحدون العرب الجدد
بقلم :د. مغازي البدراوي
elmoghazy@hotmail. com
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] d.blogspot. com/2010/ 07/blog-post_ 17.html
قرأت على هذه الصفحات يوم الاثنين الماضي، مقالا للكاتب اللبناني د. علي حرب تحت عنوان «النقد بين قول الممنوع وتفكيك الممتنع»، يتحدث فيه عن الكاتب المصري الراحل نصر حامد أبو زيد، والذي وافته المنية منذ أيام، وكتب البعض ينعونه بأوصاف عدة مثل «المفكر والتنويري والليبرالي والعلماني»، وغيرها من الأوصاف التي قد نتفق أو نختلف في وصفه بها.
لكن ما أعجبني في مقال علي حرب، رغم أنني أرفض تماما توجهاته الفكرية هو والراحل أبو زيد، أنه توافرت لديه الجرأة ليصف صديقه أبو زيد على حقيقته التي كان أبو زيد نفسه لا يجرؤ أن يقولها في حياته، فقد كتب حرب يقول
«لا أقول مع الكثيرين من المثقفين ان أبو زيد لم يسئ إلى الإسلام، بل حاول تطويره وتحديثه، فهذا تمويه للمشكلة، ذلك أن أبو زيد قد استهدف زعزعة أسس العقيدة الدينية ونسف مشروعيتها السلطوية».
هذا ما قاله حرب بالحرف، وهو ما يخفيه الملحدون العرب الجدد على الفضائيات أو في المحاضرات العامة ويعلنون أنهم مسلمون، ويتعمدون أن يبدأوا حديثهم بالبسملة، ويُتبعون ذكر النبي محمد بالصلاة والسلام عليه، وهذا ما ذكره حرب في مقاله عن أبو زيد، عندما قال إنه حتى في هولندا التي هرب إليها من مصر، بدأ محاضرته الأولى هناك في جامعة ليدن بالبسملة.
لكن حرب أكد رغم هذا، أن أبو زيد كان مسلما بالانتماء فقط وليس مسلما بالعقيدة، وفضله في ذلك على المفكر الفرنسي روجيه غارودي الذي ترك الإلحاد واعتنق الإسلام.. هكذا يرى علي حرب الانتماء اسما للإسلام أفضل من اعتناقه!
حقيقة، لا أدري ما السبب وراء هذه الازدواجية الغريبة لدى الملحدين العرب الجدد، فهم ملحدون للنخاع في كتبهم وجلساتهم الخاصة، بينما يحاولون جاهدين إخفاء ذلك عند مواجهتهم للجمهور،
وأنا أعرف الكثيرين منهم ودخلت في جدال معهم في جلسات خاصة مغلقة يجهرون فيها بإلحادهم، بينما أمام الجمهور وعلى الفضائيات يخفون ذلك!
وهناك أمر آخر غريب يميز الملحدين العرب الجدد عن كافة الملحدين في العالم والتاريخ، فهم ملحدون في نصوص الدين الإسلامي بالتحديد، حيث إنهم لا يناقشون فكرة الكون والخلق مثلما اعتاد فلاسفة الإلحاد السابقون، بل يناقشون فقط بعض النصوص الدينية في القرآن والسنة، والتي يسمونها «نصوصاً تاريخية»، ويقولون إنهم يرفضون «سلطانها»، ولا يتعرضون من بعيد أو قريب للديانات الأخرى، اليهودية والمسيحية وغيرهما.
هؤلاء الملحدون العرب الجدد لا يختلفون كثيرا عن إخوانهم من الليبراليين الجدد، وكل الجدد الذين ظهروا أخيرا، والذين لا همّ لهم الآن إلا الترويج لإسرائيل والسلام والتطبيع معها.
ولا غرابة أن نجدهم على علاقات وطيدة بـ «جمعية المؤرخين الجدد»، التي ظهرت في إسرائيل منتصف الثمانينات بعد اتفاقية كامب ديفيد، وتغلغلت في الأوساط الثقافية العربية تحت خدعة مهاجمة الأساليب الصهيونية في احتلال فلسطين.
بينما هي تسعى لتخليص إسرائيل من أعباء ماضيها البغيض حتى يقبل العرب التطبيع معها، وقد استعانوا بالملحدين العرب الجدد لطمس آيات الإدانة والعداء لليهود في القرآن، عن طريق التشكيك في العديد من آيات القرآن تحت مقولة انها فقدت سلطانها ونفوذها بمرور الزمن.
وهذا في حد ذاته ضرب وطعن في صميم العقيدة الإسلامية، القائمة على خلود النص القرآني الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ولا غرابة أن بعض هؤلاء الملحدين العرب الجدد، لا ينكر صلته وعلاقاته بهذه الجمعية الإسرائيلية، ويجهر بذلك علنا في وسائل الإعلام العربية، مدعيا أنه داعي سلام يسعى ليضع يده في يد كل من يدعو للسلام!!
..........