الشيخ و الخيمة
محمد سيف الدولة
Seif_eldawla@ hotmail.com
ذكر هيكل في احد كتبه أن هنري كيسنجر بعد أن انتهى من حل مشكلة فيتنام ، سلمته الإدارة الأمريكية ملف الشرق الأوسط .
ونظرا لأنه كان حديث العهد بهذا الموضوع ، فقد كلف عدد من مساعديه بإعداد دراسات مركزة عن هذه المنطقة .
فأعدوها له ، و قام بالإطلاع عليها و اختار منها واحدة بعينها أعدها شاب حديث التخرج ، وطلب تلخيصها ، ففعلوا ، ولكنه عاد فطلب ملخص أكثر تركيزا فلخصوها له فى ورقتين .
أخذها وقرأها بعناية ثم وضعها فى جيبه ، وذهب إلى الشرق الأوسط .
وهناك استطاع أن يقلب الأوضاع رأسا على عقب ويغيرها من النقيض الى النقيض.
ماذا يا ترى كان محتوى هذه الورقة الفذة التي استعان بها كبير الثعالب الأمريكان ليحدث هذا الانقلاب الكبير ؟
* * *
لخَصَت الورقة بقدر من الإخراج و التصرف الوضع في الشرق الأوسط في كلمتين هما : الشيخ والخيمة .
الشيخ هو الرئيس أو الملك .
والخيمة هي كل ما عداه .
والشيخ هناك هو كل شيء ، ولا شيء سواه .
فمؤسسات الدول الحديثة من وزراء وسلطة تنفيذية ، وبرلمان وسلطة تشريعية ، وقضاة وسلطة قضائية ، وأحزاب ورأى عام ..الخ ، ليس لها دور في بلاد العرب.
وبالتالي لا يجب أن ننشغل بها كثيرا ونضيع الوقت معها ، فوجودها داخل الخيمة ، هو وجود شكلى لزوم المظهر العام .
ولكن علينا التركيز فقط على الشيخ ، فكل السلطة فى يده وحده .
فان نجحنا فى كسبه واستقطابه ، ستسير الخيمة كلها في ركابه بدون مناقشة ولا تعقيب وستلتزم بما اختاره وارتآه .
وستذيَّل من أجل ذلك كل الصعاب ، وتفتح كل الأبواب ، ولن يجرؤ كائنا من كان أن يقول لا بعد أن قال الشيخ قولته .
وبذلك نستطيع أن نحقق المعجزات .
* * *
وبالفعل حضر كيسنجر الى المنطقة وفعلها .
و لا زالوا يفعلونها كل يوم .